تنعكس القرارات التي تتخذها في الميدان على سلامتك وسلامة الآخرين. إن المخاطر المتأصلة في تغطية أنباء الحروب والاضطرابات السياسية والجريمة لا يمكن يوماً إزالتها، ومع ذلك يمكن للتأني في التخطيط وتقييم المخاطر التخفيف من حدة تلك المخاطر.

دليل لجنة حماية الصحفيين لأمن الصحفيين

 

2 تقييم المخاطر والاستجابة لها


تهديد مشترك: عمليات الاختطاف، 2007-2012
أفغانستان: 20
2 قتلى
أذربيجان: 2
بوليفيا: 1
1 قتيل
البرازيل: 3
الكاميرون: 1
كولومبيا: 1
جمهورية الكونغو الديمقراطية: 2
1 قتيل
الجمهورية الدومينيكية: 1
1 قتيل
إكوادور: 1
جورجيا: 1
غواتيمالا: 1
إندونيسيا: 3
3 قتلى
العراق: 25
18 قتيلاً
إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة: 2
ساحل العاج: 1
1 قتيل
كازاخستان: 1
كينيا: 1
1 قتيل
قيرغيزستان: 1
ليبيا: 7*
المكسيك: 24*
14 قتيلاً
نيبال: 4
3 قتلى
نيجيريا: 3
باكستان: 17
6 قتلى
الفلبين: 3
روسيا: 5
1 قتيل
الصومال: 11
1 قتيل
سري لانكا: 6
سوريا: 1
تونس: 1
تركمانستان: 1
أوغندا: 1
فنزويلا: 1
1 قتيل
اليمن: 5
زمبابوي: 2
1 قتيل
المصدر: لجنة حماية الصحفيين، استناداً إلى قضايا علنية موثقة.


تنعكس القرارات التي تتخذها في الميدان على سلامتك وسلامة الآخرين. إن المخاطر المتأصلة في تغطية أنباء الحروب والاضطرابات السياسية والجريمة لا يمكن يوماً إزالتها، ومع ذلك يمكن للتأني في التخطيط وتقييم المخاطر التخفيف من حدة تلك المخاطر.

كن واقعياً فيما يتعلق بحدود قدراتك البدنية والعاطفية. وقد يكون من المفيد التفكير مسبقاً في كل الأشخاص الذين قد يتأثروا إذا ما تعرضت، مثلاً، للإعاقة أو للقتل. كذلك فكر في الضريبة العاطفية لمواصلة إعداد التقارير الإخبارية المسببة للضغط العصبي تقريراً تلو الآخر. قد تشعر عند نقطة معينة أن سقوط ضحية أخرى للجريمة أو رؤية جثة أخرى أو تألم عائلة أخرى هو شي أكثر مما تطيق. ينبغي النظر إلى قرار بعدم تغطية قصة ما على انه علامة للنضج وليس مصدراً للخزي والعار.

يجب أن تمثل سلامة الصحفيين الميدانيين الاعتبار الأساسي بالنسبة لمديري الدوائر الإخبارية عند تكليف أولئك الصحفيين بمهمة. ويجب عليهم ألا يعاقبوا صحفياً لرفضه القيام بمهمة بسبب حجم المخاطرة المحتملة فيها. وينبغي على المؤسسات الإعلامية أن تقر بمسؤولياتها تجاه دعم كل الصحفيين الميدانيين سواء أكانوا من موظفيها الرسميين أم من المراسلين المستقلين. وينبغي أن يكون مديرو التحرير صريحين فيما يتعلق بالدعم المحدد الذي تستعد مؤسساتهم لتقديمه بما في ذلك التأمين الصحي والتأمين على الحياة أو المشورة الوجدانية. وقد تقود الأمور التي لا تتم تسويتها قبل شروع الصحفي في تغطيه قصة إلى مضاعفات محزنة لاحقاً.

التقييم الأمني

Reuters قم دائماً بإعداد تقييم أمني قبل الشروع في مهمة يحتمل أن تكون خطرة. يجب أن تتضمن خطط العمل الأشخاص الذين سيتم الاتصال بهم ومواعيد الاتصال ووسيلته؛ وقم بتوضيح كافة المخاطر المعروفة بما فيها تاريخ المشكلات في مجال التغطية؛ وقم بوضع العناوين العريضة لخطط الطوارئ التي تعالج المخاطر التي تتصورها. وينبغي الرجوع إلى مصادر مختلفة كالصحفيين الذين لهم خبرة في المكان أو الموضوع والمستشارين الدبلوماسيين والتقارير عن حرية الصحافة وحقوق الإنسان والأبحاث الأكاديمية. وينبغي لمديري التحرير العاملين مع موظفين أو مستقلين أن يسهموا مساهمة جوهرية في إجراء التقييم وأن يبادروا إلى طرح مسائل أمنية وأن يتلقوا نسخة من التقييم. ويتوجب على الصحفي المستقل الذي يعمل دون أن تكون له علاقة بمؤسسة إخبارية أن يعد تقييماً أمنياً شديد الدقة بحيث يستشير نظراءه ويبحث في المخاطر ويرتب شبكة الاتصال. يوجد مثال على نموذج للتقييم الأمني يمكن تنزيله من هنا حيث ستتم مراجعته في الملحق (زاي).

ينبغي إعادة تقييم المخاطر بصورة متكررة عند تغير الظروف. كتب تيري أندرسون، المراسل السابق لوكالة ‘أسيوشيتد برس’ في الشرق الأوسط والذي احتُجز رهينة في بيروت لنحو سبع سنوات، في أول دليل أمني صحفي صادر عن لجنة حماية الصحفيين تم نشره عام 1993 قائلاً “قم دائماً وباستمرار ، وفي كل دقيقة بوزن الفوائد مقابل المخاطر. وحالما تصل إلى نقطة تشعر فيها بعدم الارتياح لتلك المعادلة، اخرج، ارحل، غادر، فالأمر لا يستحق”. ويقول أندرسون إنه “لا توجد قصة صحفية تستحق أن تُقتل من أجلها”.

تشتمل المخاطر التي يجب تعيينها على:

  • مخاطر ميدان المعركة كتقاطع النيران والألغام الأرضية والقنابل العنقودية والفخاخ المتفجرة والقصف المدفعي والجوي؛
  • التفجيرات الإرهابية؛
  • الاختطاف بهدف الحصول على فدية أو مكاسب سياسية؛
  • المخاطر الصادرة عن الجماهير بما فيها احتمالية الاعتداء الجنسي أو السرقة أو الهجمات بالغاز المسيل للدموع أو العنف؛
  • مخاطر الحوادث المرورية (السبب الأول للوفاة غير الطبيعية في العالم)؛
  • المعابر الحدودية وغيرها من مواطن التفاعل مع جماعات مسلحة عدائية أو غير منضبطة؛
  • المراقبة الشخصية المباشرة التي تقود إلى الخطف أو انكشاف المصادر؛
  • المراقبة الإلكترونية واعتراض المعلومات والمصادر؛
  • مدى أهلية المصادر والسائقين والمرافقين والشهود وغيرهم للثقة ومدى ولائهم لك؛
  • الجريمة الشائعة؛
  • المخاطر الطبيعية كالأعاصير والفيضانات؛
  • المخاطر الصحية التي تتراوح من الأمراض المنتقلة بواسطة الماء إلى مرض الإيدز.

(وسوف نتعرض لهذه الاحتمالات وغيرها بالتفصيل في الفصول اللاحقة من هذا الدليل.)

يجب أن يأخذ تقييم المخاطر في اعتباره أيضاً احتمالية أن تشتد حدة أي ظرف من الظروف -ابتداءً من وضع سياسي متوتر إلى كارثة طبيعية. وينبغي أن يشتمل التقييم على معلومات تتعلق بأماكن الإقامة والأماكن التي سيتم اللجوء إليها إذا لزم الأمر؛ والأماكن التي سيتم فيها الحصول على معلومات محدّثة داخل البلد المعني وكيفية الحصول عليها؛ ومعرفة ما إذا كانت هناك حاجة لمعدات من قبيل جهاز راديو لخدمة استقبال نشرات الأحوال الجوية أو راديو بموجة قصيرة؛ ومعرفة من سيتم الاتصال بهم في البلد المعني من جماعات حقوق الإنسان المحلية وحتى السفارات الأجنبية للحصول على المعلومات العاجلة؛ وعلى خطط وطرق السفر داخل البلد؛ ومعرفة طرق متعددة للدخول والخروج.

لخص في هذا التقييم الطريقة التي ستقوم بواسطتها بالاتصال برؤساء التحرير والزملاء والأحباء الموجودين خارج منطقة الخطر. يجب أن يظل الصحفي على اتصال دائم مع مدير التحرير أو زميل أو أحد أفراد العائلة أو شخص آخر يوثق به. ينبغي عليك والأشخاص الذين ستتصل بهم أن تتفقوا مسبقاً على عدد مرات الاتصال الذي تريدونه ووسيلة التواصل والوقت الذي تحددوه لإجراء الاتصال وما إذا كان يتوجب عليكم اتخاذ احتياطات لتلافي أن يقوم أحد باعتراض اتصالاتكم. والأهم من ذلك كله، يجب أن تقرر والشخص الذي ستتصل به سلفاً عند أية نقطة بالضبط ستعتبرون الإخفاق في التواصل حالة طارئة وبمن ستتصلون للحصول على استجابة شاملة لتحديد مكانك وتأمين خروجك أو تحريرك. وغالباً ما تقتضي الاستجابة لهذا الوضع التواصل بصورة ممنهجة مع الزملاء والأصدقاء الذين يمكنهم تقييم الوضع ومع السلطات التي يمكنها التحقيق ومع الوسط الدبلوماسي من أجل تقديم الدعم والتعزيز الممكنين.

وينبغي أن يتطرق التقييم للبنية التحتية للاتصالات في منطقة المراسلة الصحفية مع تحديد المعدات التي قد تلزمك في حالات الطوارئ. وهل الكهرباء والإنترنت وخدمات الهاتف المتنقل والأرضي متوفرة؟ وهل من المحتمل أن تظل هذه الخدمات متوفرة؟ هل سيلزم مولد أو بطارية سيارة مع محول تيار مباشر لتشغيل الكمبيوتر؟ وهل سيتوجب استخدام هاتف يعمل بالأقمار الصناعية؟ كذلك ينبغي أن يتناول التقييم الاحتياجات الأساسية مثل التغذية والرعاية الصحية. هل يتوفر المأكل والماء بيسر؟ وهل يوجد مستشفى أو عيادة أو طبيب؟ هل يلزم حمل صندوق طبي وما الذي يجب أن يحتويه؟

ويجب أن يأخذ التقييم الأمني بالاعتبار المظهر الذي ستظهر به؛ فهل تريد أن تسافر في سيارة مكتوب عليها “صحافة” أو “تلفزيون” أم أنه سيكون من الأفضل أن تمتزج بين المدنيين الآخرين؟ وهل ينبغي عليك أن تعمل وحدك أم في فريق مع آخرين؟ إذا كنت ستسافر مع أشخاص آخرين فاختر رفاقك بعناية. فقد لا ترغب في السفر مثلاً مع شخص مختلف تماماً عنك في نسبة التسامح مع الخطر.

المصادر والمعلومات

تعد حماية المصادر حجر الزاوية في مجال العمل الصحفي. تكتسب الحماية أهمية استثنائية عند تغطية أخبار مواضيع معينة مثل الجريمة العنيفة والأمن القومي والنزاعات المسلحة التي يمكن في ظلها تعريض المصادر لمخاطر قانونية أو جسدية. ويتوجب على الصحفيين المستقلين بوجه خاص أن يعلموا أن هذا العبء يقع بالدرجة الأولى على عاتقهم هم. وينبغي على الصحفي ألا يبذل وعداً بالاحتفاظ بالسرية قبل أن يقّدر النتائج المحتملة وإذا ما قدم الصحفي أو المؤسسة الإعلامية وعداً بالسرية فإن هذا التعهد يحمل التزاماً أخلاقياً مهماً.

مصادرك خلال اتصالاتك. وادرس خياراتك فيما إذا كان عليك الاتصال بهم عبر خط هاتف أرضي أو هاتف نقال، وما إذا كنت ستستخدم البريد الإلكتروني من مصدر مفتوح أو مصدر آمن، وما إذا كنت ستزورهم في منازلهم أم في مكاتبهم.

وضعت معظم المؤسسات الإخبارية قوانين خاصة بالاستعانة بالمصادر السرية، حيث تشترط المؤسسات الإخبارية، في عدد من الحالات، أن يُعلم الصحفيون الميدانيون رؤساء تحريرهم بهوية المصدر السري. وعلى الصحفيين في الميدان أن يعرفوا هذا القوانين قبل أن يقدموا العهود للمصادر السرية المحتملة. تمتلك المحاكم المدنية والجنائية في الولايات المتحدة ودول أخرى كثيرة سلطة إصدار مذكرات جلب تطالب المؤسسة الإعلامية أو الصحفيين بالكشف عن هوية المصادر السرية. يكون القرار عندئذٍ قاسياً إلى حد الاختيار بين إفشاء هوية المصدر أو تكبد الغرامات والسجن. تتخذ المؤسسات الإعلامية التي تلقت مذكرات جلب منفصلة القرارات الخاصة بها فيما يتعلق بكيفية الاستجابة لطلب المحكمة. فقد قررت مجلة ‘تايم’، التي كانت تواجه احتمالية دفع غرامات يومية وسجن أحد مراسليها، في عام 2005 إنها ستستجيب لأمر المحكمة بتسليمها رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلها أحد مراسليها ودفاتر ملاحظاته فيما يتعلق بتسريب اسم عميل للمخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، رغم أنها تختلف مع موقف المحكمة.

تمتلك الشركات الإعلامية الحق القانوني في تسليم المحاكم دفاتر ملحوظات الصحفيين إذا ما كانت تلك الدفاتر، وفقاً لعقد أو بروتوكول، ملكاً للمؤسسة الإعلامية. وإذا ما كان الصحفي موظفاً مستقلاً فقد يكون للمؤسسة الإعلامية سلطة أقل في مطالبة الصحفي بكشف هوية المصدر أو تسليم المواد الصحفية تقيداً بمذكرة الجلب الصادرة عن المحكمة.

في بعض البلدان، يكون الصحفيون المحليون الذين يقومون بتغطية أخبار الجريمة المنظمة أو الأمن القومي أو النزاع المسلح عرضة بصورة خاصة للسجن أو التعذيب أو الإكراه أو الاعتداء فيما يتعلق باستخدامهم لمعلومات سرية. وقد وثّقت لجنة حماية الصحفيين عام 2010 أعداداً هائلة من الحالات من مختلف أنحاء أفريقيا التي قام فيها مسؤولون حكوميون بسجن صحفيين أو تهديدهم أو مضايقتهم لأنهم استفادوا من وثائق سرية. ففي الكاميرون، مثلاً، حبست السلطات أربعة صحفيين وُجد بحوزتهم ما فُهم أنه مذكرة حكومية أثارت تساؤلات تتعلق بأخطاء مالية. وقد تعرض أحد هؤلاء الصحفيين للتعذيب بينما توفي الآخر في السجن. من المهم أن تعي أن مسؤوليتك الأخلاقية قد تخضع لاختبار قاسٍ في مناطق النزاع على يد جهات تستخدم القسر في تعاملها حيث تلجأ إلى التهديدات أو القوة.

ينبغي على الصحفيين دراسة طرق حماية المصادر وممارستها في اتصالاتهم وسجلاتهم. فكر في وقت وطريقة الاتصال بالمصادر، وما إذا كان عليك أن تتصل بهم على هاتف أرضي أو خلوي وأن تزورهم في مكتبهم أم في البيت وما إذا كان عليكم استخدام رسالة إلكترونية أو دردشة مأمونة. وفكر في استخدام رمز بسيط أو أسماء مستعارة لإخفاء هوية المصدر في الملفات الخطية أو الإلكترونية. وقم بحماية الملفات الخطية مادياً وتأمين الملفات الإلكترونية عن طريق التشفير وغيرها من طرق الحماية الموضحة في الفصل الثالث “أمن التكنولوجيا”.

مع ذلك تظل هوية المصدر معرضة للإفشاء أو للكشف بالإكراه. لذلك، يتحاشى كثير من الصحفيين في مناطق النزاع تدوين – أو حتى معرفة- الأسماء الكاملة أو الحقيقية لمصادرهم التي لا يعتزمون الاقتباس منها عند النشر.

يقول مشروع قانون إعلام المواطنين القائم في مركز بيركمان للإنترنت والمجتمع بجامعة هارفارد، إن القوانين المتعلقة بالخصوصية والطعن والتشهير تختلف من بلد لآخر وحتى داخل البلد الواحد، وكذلك هو الحال بالنسبة للأنظمة الأساسية الناظمة لعمليات تسجيل المكالمات الهاتفية والاجتماعات والأحداث العامة. يمكن لجماعات حرية الصحافة المحلية أن تزودك في كثير من البلدان بالتفاصيل الأساسية لقوانين الخصوصية وتشويه السمعة بالإضافة إلى ممارسات السلطات في تطبيق تلك القوانين. (توجد قائمة بكثير من هذه المنظمات في الملحق هاء “المنظمات الصحفية”؛ كما وتوجد قائمة شاملة بجماعات حرية الصحافة في العالم كله في الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير). إن كون المرء صحفياً لا يمنحه الحق في السرقة أو السطو أو مخالفة القوانين العامة من أجل الحصول على المعلومات.

الأمن والأسلحة

يوصي معظم الصحفيين وخبراء الأمن بعدم حمل الصحفي للأسلحة النارية أو غيرها من الأدوات المرتبطة بالمقاتلين عند تغطية أخبار النزاعات المسلحة. فإن قيامك بذلك سيضعف مكانتك كمراقب وبالتالي مكانة جميع الصحفيين الآخرين العاملين في منطقة النزاع. وظفت المؤسسات الإعلامية حراس أمن مسلحين وغير مسلحين لحماية الصحفيين في الميدان في مناطق النزاع مثل الصومال أوائل تسعينيات القرن الماضي أو العراق وأفغانستان خلال العقد الأول من القرن الحالي. ومع أن وجود الحرس الأمني أثر على وضعية المراسل كمراقب شعرت كثير من المؤسسات الإعلامية أنه لم يكن لديها متسع من الخيارات سوى الاعتماد على حراس خاصين لحماية كوادرها الإعلامية في أوضاع خارجة عن السيطرة.

تنطبق النصيحة نفسها، وبقوة، على حمل الأسلحة النارية في المهمات الأخرى أيضاً. وقد قرر بعض الصحفيين الذين تعرضوا للتهديد في بلدان تعاني من ضعف إنفاذ القانون حمل سلاح، ولكن ينبغي عليك -إن أخذت قراراً كهذا- أن تأخذ بعين الاعتبار أن حمل سلاح ناري قد يكون له عواقب مصيرية عليك ويقلل من مكانتك كمراقب.

العنف الجنسي

سلّط الاعتداء الجنسي الذي تعرضت له مراسلة محطة “سي بي إس” وعضوة مجلس إدارة لجنة حماية الصحفيين، لارا لوغان، أثناء تغطيتها للاضطرابات السياسية في القاهرة في شباط/ فبراير 2011، الضوء على هذا الجانب الأمني المهم بالنسبة للصحفيين. وقد قابلت لجنة حماية الصحفيين في تقرير عام 2011 أكثر من أربعين صحفياً آخرين قالوا إنهم هم أيضاً وقعوا ضحايا للاعتداء الجنسي في مهمات سابقة. وكانت غالبية الضحايا من النساء، لكن كان هناك بعض الرجال. وقد أبلغ الصحفيون عن اعتداءات تفاوتت ما بين ملامسة أجزاء الجسد باليدين والاغتصاب من قبل عدة معتدين.

إن وعي الصحفي للبيئة التي هو فيها وفهم الكيفية التي يتم تصوره بها في تلك البيئة عاملان مهمان في منع وقوع الاعتداء الجنسي. وقد نشر كل من معهد السلامة الإخبارية الدولي، وهو عبارة عن اتحاد منظمات إخبارية وجماعات صحفية من ضمنها لجنة حماية الصحفيين، والمراسلة الصحفية المخضرمة وأستاذة الصحافة جوديث ماتلوف، قائمة من البنود الواجب التحقق منها للتقليل من مخاطر التعرض للاعتداء الجنسي في الميدان. وقد تم إيراد عدد من مقترحاتهما في هذا الدليل إلى جانب النصائح الواردة من عدد كبير من الصحفيين وخبراء الأمن الذين استشارتهم لجنة حماية الصحفيين.

لثقافة وأن تكون مدركاً للظروف المحيطة. سافر مع زملاء وموظفي دعم. ابقَ قريباً من أطراف الحشود واحتفظ في ذهنك بطرق الخروج.

ينبغي على الصحفيين أن يرتدوا ملابس محافظةً وبما يتفق مع العادات المحلية؛ فربما يكون ارتداء غطاء الرأس بالنسبة للصحفيات في بعض المناطق، مثلاً، أمراً محبذاً. وينبغي للصحفيات أن يفكرن في ارتداء خاتم الزواج أو خاتم يشبهه بغض النظر عما إذا كن متزوجات أم لا. وينبغي ألا يلبسن عقوداً أو يربطن شعرهن كذيل الفرس أو يرتدين أي شيء يسهل إمساكه. وينصح عدد كبير من الخبراء الصحفيات بتحاشي ارتداء الفانيلات (تي شيرت) وبناطيل الجينز الضيقة، والتبرج (الماكياج) ولبس المجوهرات كي يتحاشين جلب الانتباه غير المرغوب به. فكري في ارتداء أحزمة وأحذية ثقيلة يصعب خلعها بالإضافة إلى ملابس فضفاضة. كما أن حمل المعدات مخبأة في حقائب عادية يصعب تمييزها قد يعمل على تجنب الانتباه غير المرغوب فيه. وفكري في حمل بخاخ رذاذ الفلفل أو حتى بخاخ مزيل العرَق لردع المعتدين.

ينبغي على الصحفيين أن يسافروا ويعملوا برفقة زملاء أو موظفي إسناد وذلك لعدد كبير من الأسباب الأمنية. من تدابير الحماية المهمة أن يكون برفقة الصحفيين الدوليين مرافقون ومترجمون وسائقون من السكان المحليين وخاصة أثناء السفر في مهمات تنطوي على وجود جماهير أو ظروف تعمها الفوضى. يمكن لموظفي الإسناد أن يراقبوا المستوى الأمني الكلي لوضع ما وأن يحددوا المخاطر المحتملة أثناء قيام الصحفي بعمله. ومن المهم أن ندقق بعناية في موظفي الإسناد المحليين وأن نطلب التوصيات من الزملاء. فقد أبلغ بعض الصحفيين عن حالات من الاعتداء الجنسي قام بها موظفو إسناد.

يقترح الخبراء بأن يظهر الصحفيون بمظهر الألفة والثقة من البيئة التي هم فيها ولكن عليهم أن يتجنبوا إقحام أنفسهم في حوارات أو التقاء أعينهم بأعين الغرباء. ينبغي على الصحفيات أن يدركن أن الإيماءات الدالة على الألفة واللطف، كالعناق أو الابتسام حتى مع الزملاء، قد يُساء فهمها وقد تثير الاهتمام غير المرغوب فيه. ويقول الخبراء إنه على الصحفية ألا تختلط مع جمعٍ سواده الأعظم من الذكور، بل أن تظل قريبة من الأطراف وأن تضع في بالها مساراً للهروب. اختاري فندقاً فيه حراس أمن -كلما أمكن- وتجنبي الغرف التي لها نوافذ أو شرفات يسهل الدخول منها. استخدمي جميع الأقفال المركبة على أبواب الفندق وفكري في استخدام قفل خاص بك وجهاز إنذار لمقبض الباب. ويقترح معهد السلامة الإخبارية الدولي أن يكون لدى الصحفيين قصة معدة للحماية (مثلاً: “إنني أنتظر وصول زملائي”) إذا ما أخذوا يشعرون باهتمام غير مرغوب فيه.

على العموم، يرى الخبراء أن تحاول الصحفية تجنب الأوضاع التي تزيد من حدة المخاطرة، ومن هذه الأوضاع: التواجد في مناطق بعيدة دون رفيق موثوق؛ وركوب سيارة أو سيارات أجرة غير رسمية يوجد بداخلها عدة غرباء؛ واستعمال المصاعد أو الممرات التي قد تكون فيها وحيدةً مع غرباء؛ وتناول الطعام في الخارج وحيدةً ما لم تكن واثقةً من المكان؛ وقضاء أوقات طويلة وحدها مع مصادر أو موظفي إسناد ذكور. إن المحافظة على الاتصال المنتظم مع محرري غرفة الأخبار في مؤسستك وتجميع معلومات الاتصال وتوزيعها لنفسك ولموظفي الإسناد هو تصرف جيد دائماً تقتضيه مجموعة كبيرة من الأسباب الأمنية. احملي هاتفاً نقالاً فيه أرقام الأمن ومن ضمنها أرقامك المهنية وأرقام الطوارئ المحلية، وكوني متحفظة في إعطاء أية معلومات شخصية.

إذا ما أدرك الصحفي أو الصحفية أن اعتداءً جنسياً أصبح وشيكاً، عليه أو عليها، حسبما يقوله الخبراء، أن تفعل أو تقول شيئاً من أجل تغيير المجريات. من أمثلة هذه الأشياء أن تصرخ طالبة المساعدة إذا ما كان الناس ضمن مسافة السمع أو أن تقول بصوت عالٍ شيئاً غير متوقع مثل “هل تلك سيارة شرطة؟” أو تقوم بإسقاط أو كسر أو رمي شيء يمكن أن يسبب إجفالاً. كما ويمكن أن يكون تبوًل أو تغوط الصحفي/الصحفية في ملابسه/ملابسها من بين هذه الأشياء.

أصدرت شبكة الممارسات الإنسانية، وهي عبارة عن منتدى للعاملين وصناع السياسات الضالعين في الأعمال الإنسانية، دليلاً للسلامة يشتمل على بعض النصائح الخاصة بالصحفيين. وتقترح الشبكة، التابعة لمعهد التنمية لما وراء البحار في بريطانيا، أن يكون الفرد ملماً بعض الشيء باللغة المحلية وأن يستخدم عبارات وجمل إذا ما تعرض للتهديد بالاعتداء وذلك كوسيلة لتغيير الوضع.

وتقول الشبكة وخبراء آخرون إن حماية المرء لحياته والحفاظ عليها في مواجهة الاعتداء الجنسي هي القاعدة الإرشادية العامة. يوصي بعض خبراء الأمن أن يتعلم الصحفيون مهارات الدفاع عن النفس من أجل مقاومة المعتدين وصدهم. ولكن ثمة اعتقاد يوازي هذا لدى بعض الخبراء يرى أن مقاومة المهاجم قد تزيد من خطر العنف المميت. لذا فثمة عوامل يجب أخذها بعين الاعتبار، وهي: عدد المهاجمين، وما إذا كان هناك سلاح في الموضوع، وما إذا كان مكان الاعتداء عاماً أم خاصاً. يقترح بعض الخبراء أن تقاتل مهاجمك إذا ما كان يريد أخذك من مشهد الاعتداء الأولي إلى مكان آخر.

يمكن أن يقع الإيذاء الجنسي أيضاً عندما يكون الصحفي/الصحفية معتقلاً لدى حكومة أو رهينة عند قوات غير نظامية. إن قيام المرء ببناء علاقة مع حارسه أو محتجزه قد يقلل من خطر كافة أشكال الاعتداء، لكن على الصحفيين أن يدركوا أن الأذى قد يقع عليهم وأنه قد لا تُتاح لهم سوى خيارات قليلة. إن حماية المرء لحياته هو الهدف الأساسي.

يمكن للمؤسسات الإعلامية أن تدرج إرشادات حول خطر الاعتداء الجنسي في كتيبات الأمن الخاصة بها كوسيلة لزيادة الانتباه وتشجيع النقاش. وعلى الرغم من محدودية الوثائق الخاصة بالاعتداءات الجنسية على الصحفيين، يمكن للمؤسسات أن تحدد البلدان التي يكون فيها الخطر الكلي أكبر مثل مناطق الصراع التي يستخدم فيها الاغتصاب كسلاح، والبلدان التي يعاني حكم القانون فيها من الضعف، والأماكن التي يشيع فيها الاعتداء الجنسي. ويمكن للمؤسسات أن تضع سياسات واضحة حول كيفية الاستجابة لحالات الاعتداءات الجنسي بحيث تتعامل مع احتياجات الصحفي من الدعم الطبي والقانوني والنفسي. وينبغي التعامل مع هذه الحالات على أنها حالات طبية طارئة وتهديد أمني عام يؤثر على صحفيين آخرين. ويجب على المدراء الذين يتعاملون مع حالات اعتداء جنسي أن يراعوا رغبات الصحفي من حيث السرية وأن يتنبهوا إلى التأثير العاطفي لهذه التجربة. وتشتمل الاحتياجات المباشرة للصحفي على التعاطف والاحترام والأمن.

يمكن للصحفيين الذين تعرضوا للاعتداء أن يعتبروا الإبلاغ عن الاعتداء وسيلة للحصول على الدعم الطبي المناسب وتوثيق الخطر الأمني الذي قد يقع على آخرين. وذكر بعض الصحفيين للجنة حماية الصحفيين أنهم كانوا مترددين بشأن الإبلاغ عن الإساءة الجنسية لأنهم لا يريدون أن يُنظر إليهم على أنهم عرضة للسقوط في المهمات الخطرة. وينبغي على مدراء التحرير أن يخلقوا مناخاً يستطيع الصحفيون فيه أن يبلغوا عن الاعتداءات دون الخوف من فقدان مهمات مستقبلية ويشعرون فيه بثقة في الحصول على المساندة والمساعدة.

إن لجنة حماية الصحفيين ملتزمة بتوثيق حالات الاعتداء الجنسي، وبالتالي فإننا نشجع الصحفيين على الاتصال باللجنة من أجل الإبلاغ عن هذه الحالات وسيتم الإعلان عن المعلومات المتعلقة بالحالة أو إبقاؤها سراً حسب رغبة الصحفي نفسه.

أوضاع الاختطاف

AP
حدثت عمليات اختطاف صحفيين مقابل فدية أو من أجل مكاسب سياسية مراراً خلال الإحدى والثلاثين سنة من تاريخ عمل لجنة حماية الصحفيين. وقد تم الإبلاغ عن عدد هائل من الحالات في بلدان مثل كولومبيا والفليبين وروسيا والعراق وباكستان وأفغانستان والمكسيك والصومال، وفقاً لأبحاث لجنة حماية الصحفيين. ففي أفغانستان وحدها، تم اختطاف ما لا يقل عن 20 صحفياً وموظفاً إعلامياً من قبل المسلحين أو الجماعات الإجرامية منذ عام 2007 وحتى عام 2011، حسب أبحاث لجنة حماية الصحفيين. وقد توفي اثنان على الأقل من هؤلاء.

الوقاية خير من كل علاج. عليك بالسفر ضمن فريق في المناطق الخطرة مع التأكد من أن مدراء التحرير وربما أشخاص محليين يعرفون عن خططكم. قم بإعداد خطة طوارئ تحتوي على معلومات الاتصال بأشخاص وجماعات يجب الاتصال بهم في حال اختفائك. قرر، من خلال نقاشات مسبقة مع مدراء التحرير والأشخاص الذين تثق بهم ممن يراد الاتصال بهم، حدد طول الفترة الزمنية التي يجب عندها أن يفسروا انقطاعك عن الاتصال بأنه حالة طارئة.

إذا ما وقعت رهينة فقد يكون أول شيء يقوم به الخاطف هو البحث عن اسمك في الإنترنت. لذا سيرى الخاطفون كل شيء مكتوب عنك في الشبكة، مثل: أين عملت والملفات التي غطيت أخبارها، وتعليمك، وارتباطاتك الشخصية والمهنية، وربما قيمة منزلك وصافي ثروة أسرتك. وربما يكون من الأفضل أن تحد من مستوى التفاصيل الشخصية أو الميول السياسية التي تريد الإفصاح عنها على الشبكة. كن مستعداً للإجابة عن أسئلة قاسية حول أسرتك وأموالك وتغطياتك الإخبارية وارتباطاتك السياسية.

ينطوي التدريب بخصوص البيئة العدوانية على آليات التغلب على المشكلات وأساليب البقاء، ومن بينها إنشاء علاقة مع محتجزيك؛ فهو إجراء قد يقلل من فرصة قيام حراسك بإيذائك. تعاون مع الحراس ولكن لا تحاول استرضاءهم. وبكل ما أوتيت من قدرة، وضّح لهم دورك غير الحربي كمراقب وأن عملك ينطوي على نقل رواية جميع الأطراف. سر بخطى ثابتة في كافة مراحل المحنة وحافظ -قدر الإمكان- على رباطة جأشك من الناحية العاطفية. وقد لا تكون الوعود بفك أسرك آتية قريباً بينما التهديدات بالإعدام قد تكون حاضرةً.

ينبغي على الصحفيين الذين يتم احتجازهم كمجموعة أن يتصرفوا بطريقة تقود الحراس إلى إبقائهم معاً وليس إلى الفصل بينهم. وقد ينطوي ذلك على التعاون مع أوامر الحراس وإقناع الآسرين بأن بقاء الصحفيين معاً سيقلل من جهد العمل. وينبغي على الصحفيين أن يقدموا لبعضهم الدعم المعنوي والعاطفي خلال فترة الأسر. قد يسهم حفاظهم على تماسكهم في زيادة فرص تحرير كل أسير منهم بنجاح.

قد تنشأ فرص للفرار من الأسر، لكن الكثير من الصحفيين المخضرمين وخبراء الأمن يحذرون من أن الفرص في النجاح تكون ضئيلة إلى أبعد الحدود وأنه ينبغي حسابها إزاء احتمالية الموت نتيجة فشل المحاولة. ففي عام 2009 وفي باكستان، تمكن مراسل صحيفة “نيويورك تايمز” ديفيد رود والمراسل المحلي طاهر الدين من الهرب بالفعل من خاطفيهم من حركة طالبان التي احتجزتهم مدة سبعة أشهر. فبعد أن قدروا حجم المخاطر، توصل الرجلان إلى أن محتجزيهم لم يكونوا يفاوضوا بجدية على إطلاق سراحهم، فقررا أن “يحاولا الفرار بدلاً من ذلك”، كما كتب رود في وقت لاحق. إلا أن بعض الخاطفين قد يكون لديهم تسلسل مرجعي متصل للأوامر مما قد يتيح لك في النهاية أن تدافع عن قضيتك بأنك مراسل وبالتالي يستحق الأمر الإفراج عنك.

من المستحسن، في أوضاع احتجاز الصحفيين، أن يتعاون مدراء التحرير وأفراد الأسرة معاً. وحالما يتم تأكيد وضعية الاختطاف، ينبغي عليهم الاتصال مع ممثلي الحكومات في بلد الرهينة بالإضافة إلى السلطات في وطن المؤسسة الإعلامية وبلد كل صحفي من الصحفيين. وينبغي عليهم أن يسعوا للحصول على النصح من دبلوماسيين محنكين في هذا المجال ومن خبراء في الحماية الخاصة ومن الجماعات الصحفية كلجنة حماية الصحفيين. يضم معهد السلامة الإخبارية الدولي مركزاً يدعى المركز العالمي للمساعدة في أزمات الرهائن يمكنه أن يوصي بخبراء في مجال الرهائن. ويمكن لمركز دارت للصحافة والصدمة أن يقدم النصح للأطراف المتأثرة حول كيفية حصول أفراد العائلة وغيرهم على المشورة. (انظر الفصل العاشر “ردود الفعل الناجمة عن الإجهاد”). إن مسألة ما إذا كنا سنلبي مطالب الخاطفين أم لا هي مسألة عويصة، وستكون قدرة المرء على الصبر وعواطفه موضع اختبار كلما طالت المحنة.

ينبغي على مدراء التحرير والأقارب أن يبذلوا قصارى جهدهم ليظهروا كجبهة متماسكة مع تعيين شخص ليكون قناة اتصال مع السلطات ومتحدثاً رسمياً باسمهم. من المحتمل جداً أن تتخذ السلطات قرارات بمعزل عن (وبما يتناقض مع) رغبات العائلة والزملاء، ولكن توجيه رسالة واضحة وثابتة على المبدأ إلى السلطات والصحافة ستعمل على تحسين فرص التأثير بفعالية على صناعة القرارات.

تضع غالبية الحكومات سياسات ترفض دفع الفدية على الرغم مما ذُكر عن أن عدداً من الحكومات، ومنها حكومتا فرنسا واليابان، قد ساعد في دفع فدية مقابل الإفراج عن الصحفيين المحتجزين. وقد يكون مدراء التحرير والأقارب قادرين، وربما غير قادرين، على التأثير على القرارات بشأن قيام الحكومة بعملية إنقاذ للرهائن. فقد تحدثت الحكومة البريطانية مع مديري التحرير، لكنها اتخذت قرارها الخاص بطلب تنفيذ عملية إنقاذ للبريطاني-الايرلندي، ستيفن فاريل، الذي كان يعمل مع صحيفة ‘نيويورك تايمز’ في أفغانستان عام 2009. وقد تم إنقاذ فاريل إلا أن الصحفي الأفغاني الذي كان يعمل معه كمرافق، واسمه سلطان محمد منادي، قتل.

قد يحاول الخاطفون إجبار المؤسسة الإخبارية على نشر دعاية لوجهة نظرهم أو تغطية أحادية الجانب لها. ففي التسعينيات من القرن الماضي، عمد المقاتلون اليساريون وأفراد الميليشيات اليمينية في كولومبيا في كثير من الأحيان إلى اختطاف الصحفيين لإجبار المؤسسات الإخبارية على تغطية أخبار مظالمهم السياسية. وفي عام 2006، بثت محطة ‘تي في غلوب’ البرازيلية تسجيلاً مصوراً محلياً يشرح بالتفصيل النقائص التي تعتري ظروف السجن عقب قيام عصابة إجرامية محلية باختطاف مراسل للمحطة وأحد الفنيين. وقد تم الإفراج لاحقاً عن الصحفيين. يجب على مدراء التحرير أن يدركوا أن الخضوع لمطالب الخاطفين قد يشجع على محاولات مستقبلية لبث تقارير بصورة قسرية.

وفي شكل آخر من أشكال الإكراه، قد يطالب الخاطفون بأن يقول الصحفي بعض العبارات الدعائية على تسجيل مصور. وقد وافق بعض الصحفيين على ذلك على أساس حسابات ترى أن ذلك قد يزيد من فرص الإفراج عنهم. إلا أن آخرين رفضوا ذلك على أساس الاعتقاد بأن إظهار الاستقلالية قد يمنحهم بعض النقاط عند خاطفيهم. إن القرار يعتمد بالكامل على الظروف والأشخاص الضالعين في الموضوع.

الاستجابة للتهديدات

ليست التهديدات تكتيكاً يهدف إلى تخويف الصحفيين الناقدين فحسب، بل هي في الغالب تهديدات تعقبها اعتداءات فعلية. وكان خمسة وثلاثون بالمائة من الصحفيين الذين قُتلوا في العقدين الأخيرين قد تلقوا تهديدات قبل قتلهم، حسب أبحاث أجرتها لجنة حماية الصحفيين. لذا يجب عليك أن تأخذ التهديدات على محمل الجد مع إيلاء اهتمام خاص لتلك التهديدات التي تشي باستخدام العنف الجسدي.

تعتمد كيفية الاستجابة بصفة جزئية على الظروف المحلية. إن إبلاغ الشرطة عن تلقي تهديد هو تصرف سليم في العادة في المناطق التي تتمتع بحكم قانون قوي. أما في البلدان التي يعم الفساد في أجهزتها الأمنية فإن الإبلاغ عن تهديد لا طائل منه أو ربما يعود حتى بنتائج عكسية. ينبغي علينا أن نزن هذه العوامل بكل دقة.

قم بإبلاغ مدير التحرير ومن تثق به من زملائك عن التهديد وتأكد من أنهم يعرفون بتفاصيل التهديد بما في ذلك طبيعة ذلك التهديد وكيف ومتى تلقيته. وقد قام بعض الصحفيين بالإعلان عن التهديدات عبر المؤسسة الإعلامية التي يعملون فيها أو نشروها على مدوناتهم. قم بإبلاغ الجماعات المحلية والدولية المعنية بحرية الصحافة، مثل لجنة حماية الصحفيين. ستقوم اللجنة بالإعلان عن التهديد أو إبقائه سراً بناء على رغبتك أنت. وقد قال كثير من الصحفيين للجنة حماية الصحفيين إن الإعلان عن التهديدات التي تلقوها ساهم في حمايتهم من الأذى.

كما ويمكن للصحفيين الذين يتعرضون للتهديد أن يفكروا في تغيير مجال التغطية مؤقتاً أو بصورة دائمة، وهنا على مديري التحرير أن يتشاوروا بعمق مع الصحفيين الذين يواجهون تهديدات وأن يعملوا على الإسراع في تغيير مهماتهم إذا ما طلبوا ذلك لغايات الحفاظ على سلامتهم. وقد وجد بعض الصحفيين أن الابتعاد لفترة عن تغطية موضوع حساس أتاح المجال كي تخف حدة الوضع العدائي.

في الظروف القاسية، يمكن للصحفيين أن يفكروا في تغيير مكانهم داخل بلادهم أو خارجها. وينبغي على الصحفيين الذين يتلقوا تهديدات أن يتشاوروا مع أحبائهم لتقييم مسألة الانتقال المحتملة، وأن يسعوا للحصول على المساعدة من المؤسسة الإعلامية التي يعملون فيها ومن الجماعات المهنية إذا ما اعتقدوا أن الانتقال أصبح ضرورياً. فقد انتقل المحرر الاستقصائي الكولومبي دانييل كورونيل مع أسرته إلى الولايات المتحدة لسنتين ابتداءً من عام 2005 بعد أن تلقى سلسلة من التهديدات كان من بينها إرسال إكليل من الزهور لجنازته مع أنه حي يرزق. ومن ثم استأنف كورونيل عمله الاستقصائي عندما عاد إلى كولومبيا، وعلى الرغم من استمرار التهديدات إلا أنها كانت أكثر بطئاً وأقل حدة ن ذي قبل. يمكن للجنة حماية الصحفيين أن تقدم النصح للصحفيين الذين يتعرضوا للتهديدات وتقوم، في بعض الحالات، بتقديم الدعم المباشر مثل المساعدة في الانتقال إلى مكان آخر.


الفصل التالي: أمن التكنولوجيا

دليل لجنة حماية الصحفيين لأمن الصحفيين

جدول المحتويات

الاستعداد الأساسي

أمن التكنولوجيا
 



دليل لجنة حماية الصحفيين لأمن الصحفيين » انتقل الى: